قبل ان نهنيء انفسنا بعيد الاستقلا لنقف قليلا و نتأمل بمفهوم الاستقلال ككلمة او بمفهومه السياسي او التاريخي ,لنقيم استقلالنا من عدة نواح لتعدد اوجه الاستقلال سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا ونقرر اذا ما كان واقعنا بعد الاستقلا يرقى لما طمح اليه اسلافنا.
سياسيا الاستقلال يتمثل في وجود سلطات سياسية و مؤسسات قادرة على الدفاع عن السيادة الوطنية و أمن المواطن ,كما انه من المتوقع من هذه المؤسسات ان تنهض بالبلاد و تقحمه في ركب الحداثة و المدنية و التطورفي كافة الاصعدة, بحيث يشعر المواطن ان هذه المؤسسات ملك له و دفاعه عنها و دفاعه عن الوطن و مقدراته دفاع عن نفسه وأنه مشارك في البناء و دوره مهم و فاعل .
دون ان نهمل ان الاستقلال يكون منقوصا دون اعطاء الحرية للمواطن فالحرية للبلاد و العباد, ..السؤال لكم اصدقائي أين نحن من كل ما أسلفت؟ اما على الصعيد الاقتصادي بعيدا عن التساؤل سأكون ساخرا قليلا, قمحنا من سهولنا نحن لسنا محكومين بأي اتفاقيات تجارية مكتفين اقتصاديا و دائما في حالة من “الأمن الغذائي” ,الطاقة يا رعاك الله متوفرة بكل اشكالها المتجددة و غير المتجددة “معلبة وحلل” تصل للمواطن بأفضل الطرق المحافظة على النظام و التوازن البيئي و بأقل التكاليف و دونما انقطاع , صناعاتنا الوطنية تنافس في المحافل العالمية “خاصة الصناعات الاكترونية و الصناعات الثقيلة..بتقدر تقول ضيعنا اليابان” ,اما ابحاثنا العلمية في مجالات الصناعة و الزراعة فقد حجمت من قدر ابحاث الوكالة الاميريكية للأبحاث و ابحاث الفضاء “ناسا”…طبعا “بتخوث “
ثقافيا “آخ يا حسرة قلبي”, ما معنى الاستقلال لبلد في القرن الواحد و العشرين و هو للآن لم ينتج فيلما واحدا بخبرات و طنية كاملة؟ عدا عن ان اصداراته من المؤلفات و الكتب لا تتجاوز عتبة الاسواق المحلية الراكدة؟
المواطنون بنفرون من التلفزة المحلية الوطنية و يلجأون للفضائيات “يعني منعرف اخبارنا من العالم “و السبب عدم اشباع التلفزة الوطنية لرغبات المواطن اعلاميا ,و اتوقع انه مع المدة اصبح هنالك مشكلة بالمصداقية و الشفافية بتلفزتنا الوطنية ,لتدني نوعية محتوى ما تبثه من برامج و مواد قد تصل لحد الاستهزاء بعقل المواطن الاردني.
اما الاذاعات “هاي الاذاعات و الراديو لحالهم قصة”,فإذاعاتنا و للأسف “منابر” لكل زاعق و ناعق و مزاود و مشكك بوطنية الاخرين و انتمائهم لهذا الوطن قيادة و أرضا,تكاد تجزم بأنها الى حد ما موجهة لمهاجمة أشخاص بعينهم أو فئات معينة من النسيج الشعبي لهذا الوطن ,حتى يكاد يظن من يسمع اذاعاتنا لأول مرة ان البلاد بحالة حرب وانه هنالك عدو يكشر عن انيابه و مستعد للأنقضاض على البلد و مقدراته بأي لحظه و ان هذه الاذاعات تقوم بدور التعبئة و الدعوة الى النفير”بحسسوك انهenemy at the gates “ ” ..
اما عن ثقافة المجتمع و الجيل الناشيء فحدث ولا حرج,ثقافة “ستاربكس و الآي فون و الجينز”تغزونا بكل قوة حتى تكاد تجزم بأن “عبدون أو “عبتون”” حي من أحياء منهاتن العليا “أجلكم الله”, اما عن طموحات الشباب فللأسف نجد ان الغالبية العظمى لا تتعدى طموحاتهم ثلاثية الهامشية “ادرس-اشتغل-عشان تتجوز و يصير عندك عيلة”و هكذا دواليك تستمر الثلاثية جيل بعد جيل, ويجدر الذكر بأنه ما يقارب ال90% من مراهقينا يعيشون حالة تسمى “الحلم الامريكيthe American day dream” يعني “لو اوبرا وينفري أو براد بيت دخلو جحر ضب لدخلناه”…
شبابنا ينفر من موروثه الحضاري و الثقافي ينفر من لغته و كينونته ,اصبحنا للأسف نتقمص ادوارا غير ادوارنا,عدا عن غياب المشاعر الانسانية حتى اصبحنا “كالروبوتات”,قلوبنا تحجرت مشاعرنا تبلدت احساسنا بالمسؤولية تجاه أوطاننا و أبناء جلدتنا تبخر تدريجيا حتى أصبحنا غير معنيين بما يحدث من تجاوزات و انتهاكات لحقوق و أرواح أبناء جلدتنا عربيا و عالميا ..
اخيرا و للتنويه لم أكن لأكتب ما كتبت لولا غيرتي على وطني و شعبي و حبي له ,و أملي بان اراه يرقى و يعلو ..ان اراه حميا قويا ذو منعة في و جه العدى و رخاء و حنان على ابنائه ..في الخامس و العشرين من أيار بدأت مسيرة الاستقلال و ما زال الدرب طويلا نحو اردن مستقل عصري..
ليكن يوم الاستقلال أكثر من يوم عطلة رسمية مدفوعة الاجر
ليكن احتفالنا بالأعوام القادمة بعيد الاستقلال نابعا من فخرنا بما نصبو اليه ,ليكن احتفالا بمستقبل افضل ليكن احتفالا بأستقلال كامل استقلال الشطر الغالي الآخر من ضفة نهرنا الغالي ..فهما وطن واحد فما لنهر الاردن ان يجري الا بين ضفتيه ..حمى الله الاردن شعبا…و ارضا…وقيادة
دمتم سالمين.